الطائر المظلوم المدير العام
عدد المساهمات : 317 تاريخ التسجيل : 26/01/2011 الموقع : 7lol.ahlamontada.com
| موضوع: هل انا حرامى ؟ مقاله رائعه اقراء للنهايه الجمعة فبراير 04, 2011 10:21 am | |
| يُحكى إن طبيباً سودانياً كان قد سافر إلى «دبلن» لامتحان الجزء الأول من تخصصه الطبي وكانت رسوم ذاك الامتحان هي 309 جنيهاً استرلينيا و لأن الطبيب لم يجد «فكة» فقد دفع 310 جنيهاً .. ... و فجأة جاءه خطاب من الكلية في السودان بعد أن عاد من «إيرلندا» و في طي الخطاب شيك بواحد جنيه مع الإيضاح للطبيب أنه كان قد دفع للكلية 310 جنيهاً مع أن الرسوم هي 309 جنيهاً .
و الحق .. فقد أعادتني هذه القصة لأحداث شخصية حدثت معي شخصياً
أولها : أنه وفي العام 1968 كنت قد اشتريت لوري بدفورد صنع انجلترا من وكيل الشركة هنا في الخرطوم بملبغ ألفين وأربعمائة جنيه سوداني .. لا تدهشوا و لا تعجبوا .. فقد كان ذلك أوان «العز» و الترف الذي ذرته الرياح وتبددت أيامه كما الدخان ..
المهم .. و بعد أربعة أو ستة أشهر لا أذكر فقد وصلني خطاب من الشركة يبلغني بأن المصنع الانجليزي قد أفادهم بخطاب به من الاعتذار .. ما يخجل.. حتى ذاك الذي لا يخجل معتذراً المصنع بأن هناك خطأ في تكلفة التصنيع وأن الثمن الحقيقي للوري هو فقط 2370 جنيهاً .. و عليه ترجو إدارة المصنع في الاتصال بالشركة حتى استرد منها ثلاثين جنيهاً..
سعدت حد الطرب .. ليس لذاك الفرق لصالحي و لا لثلاثين جنيهاً هبطت فجأة في «جيبي» كانت سعادتي لتلك الروح و الأخلاق العالية والأمانة النادرة و الإنسانية الشاسعة و الدقة المتناهية التي يتمتع بها المواطن البريطاني ..
وحزنت حد البكاء والغضب .. و أنا انظر حولي لأقيس وأقارن .. و كيف أن السواد الأعظم من بني وطني و من جماهير شعبي الذين يعملون بالتجارة و التعامل المباشر مع بني وطنهم .. كيف أنهم يجافون تعاليم دينهم الذي يحث على الأمانة والصدق و كيف يحرم أكل أموال الناس بالباطل..
وحادثة أخرى .. كنت أنا بالأسف كله بطلها الأوحد .. و كان ذلك في العام 1978م وأيضاً كان ذلك في أيام العز بل الترف و الثراء العريض .. عندما كانت زيارة لندن بالنسبة لي تماماً مثل زيارة أم بدة أو الكدرو فقد كنت دائم التردد على لندن .. المهم كنت أقيم في «بادنجتون» .. استقل يومياً قطار الأنفاق من تلك المحطة و يومياً كنت أمر على «كشك» سيدة انجليزية عجوز أثرثر معها كثيراً و «أتونس» معها يومياً ثم اشتري «لوح» شيكولاته بمبلغ ثمانية عشر بنساً..
كانت تلك العجوز «ترص» الواح الشيكولاته على «الرف» مع وضع ديباجة تعلن ثمن السلعة .. جئتها يوماً وكالعادة وفي أثناء «الونسة» لمحت أنها قد وضعت على «رف» آخر الواحاً من الشيكولاتة و لكنها تحمل ديباجة السعر وهو عشرون بنساً و هي ترقد جنباً إلى جنب الرف الآخر المكتوب عليه ديباجة الثمن ثمانية عشر بنساً..
سألت المرأة اليوم أرى عندك نوع جديد .. أجابت في اقتضاب نفس النوع .. واصلت متسائلاً .. إذن وزن و حجم جديد .. أجابت نفس الوزن و الحجم .. واصلت «ثقالتي» وأنا أقول .. إذن هو مصنع آخر .. أجابت نفس المصنع .. هنا سألت إذن لماذا و الحال هكذا.. هناك ثمنان أحد الأرفف يحمل 18 بنساً و آخر يحمل 20 بنساً.. أجابتني شارحة الوضع قائلة .. هناك مشاكل في نيجيريا التي يأتي منها الكاكاو وهذا هو الثمن الجديد .. هنا سألت المرأة قائلاً ترى من يشتري منك بعشرين بنساً مادام أنت تبيعين نفس النوع بثمانية عشر بنساً .. هنا قالت نعم أنا أعمل ذلك.. ولكن بعد أن ينفد ذاك الذي هو بالسعر القديم سوف يشتري الناس بالسعر الجديد.. هنا قلت لها في غفلة و بلادة و لا مبالاة و إهمال .. لماذا لا تخلطين النوعـين معاً وتبيعين بالسعر الجديد أي بعشرين بنساً.. هنا جحظت عيون المرأة وبات وجهها في صفرة الموت ثم مالت نحوي وهي تهمس في فزع .. هل أنت حرامي؟؟
ولازلت.. و منذ ذاك التاريخ .. أسأل نفسي : هل أنا حرامي ؟؟ أم هي غشيمة بهيمة تلك المرأة .. بل إن «الغنماية تأكل عشاها»
طيب .. إذا كنت أنا حرامي كيف هم أولئك الذين يشترون آلاف الجوالات من الدقيق... وعندما يرتفع السعر يبيعون بالسعر الجديد.. وفي أي «سقر» أو «جحيم» أو «سعير» يتقلب فيها «محروقاً» من يزيد فجأة سعر «البصل» في مخازنه و يبيعه بالسعر الجديد رغم أنه قد اشتراه بالسعر البائس الزهيد القديم.. ولن أكتب حرفاً واحداً عن «مخزني» السكر فهؤلاء .. سيواجهون.. أمراً «مراً» في ذاك اليوم الرهيب.
بقلم / مؤمن غالي
بالتأكيد ليس كل الإنجليز يملكون هذه الصفات .. ولكن للأمانه .. ألسنا نرى نحن المسلمين الذين يحثنا ديننا على الأمانه ؟ ألسنا نحن الذين كان رسولنا قبل البعث لقبه الصادق الأمين كلنا "حراميه" ؟ هذه الأخلاق يجب أن تنبع منا و ليس أن نستقيها منهم .. هم لا يفعلون ذلك ديناً .. و لكنهم يفعلونه أخلاقاً ..
| |
|