الطائر المظلوم المدير العام
عدد المساهمات : 317 تاريخ التسجيل : 26/01/2011 الموقع : 7lol.ahlamontada.com
| موضوع: كيف صنعت المعلمة رجلاً . الجمعة فبراير 04, 2011 8:51 am | |
| حين وقفت المعلمة أمام الصف الخامس في أول يوم تستأنف فيه الدراسة ، وألقت على مسامع التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها ، نظرت لتلاميذها وقالت لهم : إنني أحبكم جميعاً ، هكذا كما يفعل جميع المعلمين والمعلمات ، و لكنها كانت تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في الصف الأمامي ، يدعى تيدي ستودارد . لقد راقبت ال...سيدة تومسون الطفل تيدي خلال العام السابق ، ولاحظت أنه لا يلعب مع بقية الأطفال ، و أن ملابسه دائماً متسخة ، وأنه دائماً يحتاج إلى حمام ، بالإضافة إلى أنه يبدو شخصاً غير مبهج ، وقد بلغ الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر عريض الخط ، و تضع عليها علامات x بخط عريض ، وبعد ذلك تكتب عبارة "راسب" في أعلى تلك الأوراق .
وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها السيدة تومسون ، كان يطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات الخاص بتيدي في النهاية . وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما !!
لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي ما يلي: "تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام ، وبطريقة منظمة ، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق".
و كتب عنه معلمه في الصف الثاني: "تيدي تلميذ نجيب ، و محبوب لدى زملائه في الصف، و لكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال ، مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب".
أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب عنه : "لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه .. لقد حاول الاجتهاد ، و بذل أقصى ما يملك من جهود ، ولكن والده لم يكن مهتماً ، و إن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات".
بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع : "تيدي تلميذ منطو على نفسه ، و لا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة ، وليس لديه الكثير من الأصدقاء ، وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس".
و هنا أدركت السيدة تومسون المشكلة ، فشعرت بالخجل و الاستحياء من نفسها على ما بدر منها ، و قد تأزم موقفها إلى الأسوأ عندما أحضر لها تلاميذها هدايا عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة جميلة و ورق براق ، ما عدا تيدي .. فقد كانت الهدية التي تقدم بها لها في ذلك اليوم ملفوفة بسماجة و عدم انتظام ، في ورق داكن اللون ، مأخوذ من كيس من الأكياس التي توضع فيها الأغراض من بقالة ، و قد تألمت السيدة تومسون و هي تفتح هدية تيدي ، و انفجر بعض التلاميذ بالضحك عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من ماسات مزيفة ناقصة الأحجار ، و قارورة عطر ليس فيها إلا الربع فقط .. و لكن سرعان ما كف أولئك التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت السيدة تومسون عن إعجابها الشديد بجمال ذلك العقد ثم لبسته على عنقها و وضعت قطرات من العطر على معصمها . و لم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله في ذلك اليوم . بل انتظر قليلاً من الوقت ليقابل السيدة تومسون ويقول لها : إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي !!
و عندما غادر التلاميذ المدرسة، انفجرت السيدة تومسون في البكاء لمدة ساعة على الأقل ، لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها ، و وجد في معلمته رائحة أمه الراحلة !، ومنذ ذلك اليوم توقفت عن تدريس القراءة و الكتابة و الحساب ، و بدأت بتدريس الأطفال المواد كافة "معلمة فصل"، وقد أولت السيدة تومسون اهتماماً خاصاً لتيدي ، و حينما بدأت التركيز عليه بدأ عقله يستعيد نشاطه ، و كلما شجعته كانت استجابته أسرع ، وبنهاية السنة الدراسية ، أصبح تيدي من أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل ، و أبرزهم ذكاء ، وأصبح أحد التلايمذ المدللين عندها.
و بعد مضي عام وجدت السيدة تومسون مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي ، يقول لها فيها : "إنها أفضل معلمة قابلها في حياته"..
مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي مذكرة أخرى منه. ثم بعد ذلك كتب لها أنه أكمل المرحلة الثانوية ، و أحرز المرتبة الثالثة في فصله ، و أنها حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل معلمة قابلها طيلة حياته.
وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك ، تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه: إنه سوف يتخرج قريباً من الجامعة بدرجة الشرف الأولى ، و أكد لها كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل و أحب معلمة عنده حتى الآن".
و بعد أربع سنوات أخرى ، تلقت خطاباً آخر منه ، وفي هذه المرة أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة البكالوريوس ، قرر أن يتقدم قليلاً في الدراسة ، و أكد لها مرة أخرى أنها أفضل و أحب معلمة قابلته طوال حياته.
لم تتوقف القصة عند هذا الحد ، لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع ، يقول فيه: "إنه سوف يتزوج ، وأخبرها بأن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه ، وقد وافقت السيدة تومسون على ذلك" ، والعجيب في الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت ، و الذي كانت إحدى أحجاره ناقصة ، و الأكثر من ذلك أنه تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد !!
و احتضن كل منهما الآخر، و همس (دكتور ستودارد) في أذن السيدة تومسون قائلاً لها ، أشكرك على ثقتك فيّ ، و أشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم ، و أنني يمكن أن أكون مبرزاً ومتميزاً .
فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها : أنت مخطئ، لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة ومتميزة ، لم أكن أعرف كيف أعلِّم ، حتى قابلتك .
( تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز "ستودارد" لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية ، و يعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية ).
إن الحياة ملأى بالقصص والأحداث التي إن تأملنا فيها أفادتنا حكمة واعتباراً . العاقل لا ينخدع بالقشور عن اللباب ، و لا بالمظهر عن المخبر ، و لا بالشكل عن المضمون . يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام ، و أن تسبر غور ما ترى ، خاصة إذا كان الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة الأغوار ، موّارة بالعواطف ، و المشاعر ، و الأحاسيس ، و الأهواء ، و الأفكار.
أرجو أن تكون هذه القصة موقظة لمن يقرؤها من الآباء والأمهات ، و المعلمين و المعلمات، و الأصدقاء و الصديقات .
| |
|